عرب ابو محمد Admin
مزاجي : الجنس : عدد المساهمات : 2822 تاريخ التسجيل : 30/05/2010
| موضوع: فدوى طوقان انشودة ملتهبة في جبل النار الخميس يناير 05, 2012 3:07 pm | |
| فدوى طوقان... أنشودة مُلتهبة في جبل النار
ولدت في مدينة نابلس “جبل النار” سنة 1917م لأسرة عريقة وغنية ذات نفوذ اقتصادي، وكانت السابعة بين أخوتها وأخواتها العشرة،
وتلقت دراستها في المدرسة الفاطمية الابتدائية الحكومية،
فالمدرسة العائشية بنابلس، ثم واصلت تعلمها في المعهد الثقافي البريطاني بنابلس أيضاً،
ومدرسة ايكرسلي، ومدرسة سلوان في أكسفورد مدة عامين حتى أتقنت اللغة الإنجليزية وأطلعت على آدابها.نشأت فدوى في بيئة عائلية مُحافظة،
وفي بيت يسيطر عليه الرجل، فالمرأة فيه قابعة بين الجدران والكتب، ولم تكن الضغوط التي مارسها الأهل عليها، إ
لاّ تنفيساً عن غيظ بسبب مسيرة الشعر التي بدأت تغذ السير فيها وتكرّس حياتها له بتصوف غريب. وأشار عيسى فتوح في “فدوى طوقان شاعرة الأشواق الحائرة” بأن فدوى في ظل هذا المناخ، لم يكن باستطاعتها التفاعل مع الحياة بالصورة القوية التي يجب على الشاعر أن يتفاعل معها، كان عالمها الوحيد المتسم بالخواء العاطفي هو عالم الكتب والانكباب على الدرس والمطالعة والكتابة، كانت تقرأ بنهم حتى غطت قراءتها التراث العربي والأدب العربي المعاصر والآداب العالمية والكتب الدينية بما فيها القرآن الكريم والإنجيل والتوراة والكتب التاريخية والاجتماعية والفلسفية وعلم الاجتماع والتحليل النفسي، وانجذبت بطبيعتها التشاؤمية لمعرفة هل ولد الإنسان مفطوراً على الخير أو على الشر؟ وهل تستطيع الأديان تخليص الإنسان من عذاباتها؟ وتروي الشاعرة فدوى طوقان عن فترة دراستها في المدرسة الفاطمية قائلة: “في المدرسة الفاطمية تمكنت من العثور على بعض أجزاء من نفسي الضائعة. فقد اثبت هناك وجودي الذي لم استطع أن أثبته في البيت. أحبتني معلماتي وأحببتهن، وكان منهن من يؤثرني بالتفات خاص. اذكر كيف كان يشتد خفقان قلبي كلما تحدثت معي معلمتي المفضلة “ست زهرة العمد”، والتي أحببتها كما أحب واحدة من أهلي في تلك الأيام. كانت جميلة وجها وقواماً، وكانت أنيقة، شديدة الجاذبية”. وأضافت طوقان وهي تسرد تلك الواقعة: “كنت أرنو بشغف كبير وهي تشرح الدرس وتفسر لنا قطعة القراءة. أو حين كانت تتلو علينا قطعة الإملاء. فقد كنت اكتب الفقرة. ثم ارفع بصري في انتظار الفقرة التالية مسرورة بالنظر إلى وجهها. وكانت تقف أمام مقعدي الدراسي في الصف الأول الذي كان مخصصاً لأصغر تلميذات الصف سناً وحجماً. وحين كانت تضع أصابع يدها البيضاء على طرف مكتبي كنت أحسّ برغبتي في لثمها. فإذا انحنت نحوي لتنظر في دفتري اخترقت أحاسيسي رائحة عطر خفيفة كانت تنبعث دائماً منها. وأتمنى لو بقيت بجانبي إلى الأبد. فجأة انقطعت عن المجيء إلى المدرسة. فقد مرضت المعلمة المحبوبة. طال مرضها وطال غيابها، وعرفت الوحشة وذقت مرارة غياب الأحباب وثقل الانتظار. كانت تقطن مع عائلتها في بيت بعيد معزول في منطقة “بليبوس” في الجانب الغربي من جبل عيبال. كانت شقيقتها الكبرى معلمة الصف التمهيدي في المدرسة. وذهبت إليها برفقة بعض زميلاتي نستأذنها في زيارة ست زهرة...”. علامة فارقة على الرغم من الحصار الذي فُرض على فدوى داخل البيت وعدم الخروج منه، فقد حدثت نقلة في حياتها من خلال تشكل علاقتها مع شقيقها الشاعر إبراهيم طوقان علامة فارقة في حياتها، إذ تمكن من دفع شقيقته إلى فضاء الشعر، فاستطاعت ـ وإن لم تخرج إلى الحياة العامة ـ أن تشارك فيها بنشر قصائدها في الصحف المصرية والعراقية واللبنانية، وهو ما لفت إليها الأنظار في نهاية ثلاثينيات القرن الماضي ومطلع الأربعينيات. ثم حكت عن موقف حدث مع شقيقها إبراهيم حينما كانا يتناولان طعام الغداء وهو يحدث والدته عن تلميذين من تلامذته كانا قد جاءا إليه في ذلك الصباح بقصائد من نظمهما، خالية من عيوب الوزن والقافية، وكم كان فخوراً بهما، وبعفوية مطلقة وبصوتي الخافت قلت لإبراهيم “نيالهم”، وتعني: هنيئاً لهم. هنا نظر إبراهيم إلى شقيقته فدوى وصمت. ثم قال لها فجأة: سأعلمك نظم الشعر، هيا معي”. وأكملت الشاعرة رواية الموقف قائلة: “كانت أمي قد سكبت له الطعام، ولكنه ترك الغرفة. ولحقت به، وارتقينا معاً السلم المؤدي إلى الطابق التالي حيث غرفته ومكتبته. وقف أمام رفوف الكتب وراح ينقل عينيه فيها باحثاً عن كتاب معين. أما أنا فكان قلبي يتواثب في صدري، وقد كتمت أنفاسي اللاهثة. دقيقتان، واقبل عليَّ وفي يده كتاب “الحماسة” لأبي تمام. نظر في الفهرس ثم فتح الكتاب عند صفحة بالذات. قال: هذه القصيدة. سأقرؤها لك وأفسرها بيتاً بيتاً ثم تنقلينها إلى دفتر خاص وتحفظينها غيباً، لأسمعها منك هذا المساء عن ظهر قلب. وبدأ يقرأ: “امرأة ترثي أخاها”: طاف يبغي نجوة من هلاك فهلك ليت شعري ضلة أي شيء قتلك أي شيء حسن لفتى لم يك لك كل شيء قاتل حين تلقى أجلك والمنايا رصد للفتى حيث سلك شرح لي معنى الأبيات، فشعرت بخيط رفيع من السوداوية يجز في قلبي. قال: لقد تعمدت أن اختار لك هذا الشعر لتري كيف كانت نساء العرب تكتب الشعر الجميل... ولم تكن هذه بعيني كلمات، بل كانت شموساً وأقماراً قبلها كانت حياتي واقفة لا تسير مع الزمن ولا اعرف ماذا أفعل بها. أما الآن فهاهي حياتي تتحرك، وهاهو إيقاعها يسرع. وها أنا أشعر بتجددي وبعودة الثقة بالنفس من جديد. ما أروع الخطوة الأولى، ما أجملها، ما اشد سحرها! أصبحت خفيفة كالطائر. لم اعد مثقلة القلب بالهم والتعب النفسي. في لحظة واحدة انزاح جبل الهوان وابتلعه العدم. وامتدت مكانه في نفسي مساحات المستقبل شاسعة مضيئة، خضراء كمروج القمح في الربيع. ويا لرهبة الخطوة الأولى”. ومثّلت وفاة شقيقها إبراهيم، ثم والدها ثم نكبة 1948م دافعا لها لكي تشارك من بعيد في خضم الحياة السياسية في الخمسينيات، وقد استهوتها الأفكار الليبرالية والتحررية كتعبير عن رفض استحقاقات النكبة الفلسطينية. أما النقلة المهمة في حياة الشاعرة فكانت في رحلتها إلى لندن في بداية الستينيات من القرن الماضي، التي دامت سنتين، حيث تفتحت خلالها آفاق معرفية وجمالية وإنسانية، جعلتها على تماسٍّ مع منجزات الحضارة الأوروبيّة. كما نقرأ في سيرة طوقان أنها بعد نكسة حزيران 1967م خرجت لتخوض في غمار الحياة اليومية الصاخبة بتفاصيلها، فشاركت في الحياة العامة لأهالي مدينتها نابلس وهي تحت حراب الاحتلال الصهيوني، ومن ثمّ تبدأ عدة مساجلات شعرية وصحافية مع ثقافة المحتل وهيمنته بمشاركة من الشعراء الفلسطينيين أمثال الشاعر محمود درويش، وسميح القاسم وتوفيق زيّاد... الميل الفطري للشعر أشارت فدوى في سيرتها إلى الميل الفطري الذي اجتاح كيانها صوب الشعر وقوافيه المتوهجة في داخل نفسها، وكيف أجج فيها جذوته التي راحت تغذيه ببصيص من الإبداع، فتقول عن ذلك الميل الفطري: “منذ صغري أعلن عن نفسه ميلي الفطري للشعر. كنت أجد متعة كبيرة في ترديد محفوظاتي المدرسية منه، واقف مملوءة بالانبهار والدهشة أمام ما يقع عليه بصري من قصائد أو مقطوعات مطبوعة في الكتب المدرسية أو في الصحف التي كان يحضرها أبي وإخوتي إلى البيت، وذلك رغماً عن عجزي عن إدراك مضامينها. كان هناك كتاب اسمه “الكشكول”، يضم مجموعة من الطرائف والشعر والأخبار الأدبية والتاريخية. وفي هذا الكتاب كان لي أول لقاء مع قصيدة “أيها الساقي إليك المشتكى”. وقد وضعتني القصيدة أو بالأحرى الموشح في دائرة سحرية غامضة، لعل منشأها موسيقاه الخارجية المنبثة من طبيعة الوزن، والمتميزة بتنوع القوافي، مع الالتزام بقافيتي الشطرين الأخيرين من كل مقطع، مما اكسب الموشح إيقاعاً يريح السمع ويهدهد النفس. أما الكلمات فكان معظمها بالنسبة لي محملاً بمعان انفعالية نفسانية غير التي قصدها الشاعر”. وتضيف قائلة:” كان السقاؤون في تلك الأيام يزودون بيوت البلدة بالماء باستثناء بعض البيوت القليلة، لا سيما بيوت الإقطاع القديمة. والتي كان أصحابها يمتلكون حصصهم الخاصة بهم من مياه الينابيع العديدة في البلدة. وكانت المياه تصل إلى تلك البيوت بواسطة القنوات الفخارية تحت سطح الأرض وتصبّ في البرك القائمة وسط ساحات البيوت الفسيحة”. وتضيف قائلة لتروي حكايتها مع الشعر: “وحين كنت أبدأ بإلقاء المطلع: أيها الساقي إليك المُشتكى قد دعوناك وان لم تسمع وكانت كلمة الساقي تتخذ في ذهني معنى انفعالياً خاصاً، مقروناً بصورة السقّاء الكهل الذي كان يزود بيوت “حارة العقبة” بالماء ينقله إليها من “عين الكأس” شرقي البلدة. كان مجيء السقاء إلى منزل خالتي في حارة العقبة مبعث إثارة محببة لي، فمنذ يطأ بقدمه أول درجة من درجات السُلّم الخارجي المفضي إلى الدار، كان صوته يرتفع بالكلمات المألوفة: “يا ساتر، يا الله” وذلك تنبيهاً للنسوة لكي يتوارين خلف الأبواب. كنت اركض إلى السقّاء واقف بجانبه عند الزير الكبير، ارقبه وهو يرفع القربة عن ظهره بيديه القويتين، ثم يسندها إلى بطنه وقد جعل فوهتها المربوطة على فمّ الزير الواسع، وبعد ذلك يشرع بفك الرباط، فيندلق الماء العذب الفضي في الزير الذي لم يكن ليمتلئ قبل أن يبتلع حمولة أربع قرب أو أكثر. كان الساقي الذي يخاطبه الشاعر يمثل دائماً في خيالي متقمصاً شخصية السقّاء الكهل، سقاء “حارة العقبة”. ولما كنت أجهل ما هو “الزق” في قوله: “جذب الزق إليه واتكأ”، فقد استلزم الفعلان “جذب ـ واتكأ” إعطاء كلمة الزق عندي معنى الوسادة. أما النديم الذي هام الشاعر في غرته: “ونديم همت في غرته” فكنت أتخيله ابن جارنا بائع حلاوة الطحينية، ذلك الفتى الأسمر الطويل النحيل الذي كان يحمل اسم نديم، وهكذا كان يعطي خيالي للكلمات صوراً ودلالات خاصة به وحده، وكنت اغتنم فرصة غياب أبي وأبناء عمي وقت العصر فارتقي السُلّم الخارجي المكشوف المؤدي إلى أحد طوابق الدار العليا. واقف متجهة نحو الشجر المنتصب في صحن الدار، واشرع في إلقاء الموشح بصوت واثق مرتفع، مقلدة بذلك إبراهيم ـ شقيقها ـ في إلقائه للشعر، وأتخيل نفسي شاعرة تقرأ شعرها على الجمع المحتشد كما يفعل إبراهيم، واستغرق في تخيل الصورة حتى يكاد يصبح الخيال في إحساسي حقيقة، فإذا انتهيت عدت إلى الإنشاد مرة ثانية، ثم ثالثة، ثم رابعة، وانا في حالة أشبه بالجذب الصوفي”. وتكمل روايتها: “وبعد ستة وعشرين عاماً، في عصر يوم من أيام حزيران سنة 1955م، وقفت في قاعة “وست” في الجامعة الأميركية في بيروت، لأواجه لأول مرة في حياتي الحشد الذي دعته الدائرة العربية في الجامعة للاستماع إلى مختارات من شعري...”. متانة وسبك جيد تعدّ فدوى طوقان من الشاعرات العربيات القلائل اللواتي خرجن من الأساليب الكلاسيكية للقصيدة العربية القديمة خروجًا سهلاً غير مفتعل، وحافظت فدوى في ذلك على الوزن الموسيقي القديم والإيقاع الداخلي الحديث. ويتميز شعر فدوى طوقان بالمتانة اللغوية والسبك الجيّد، مع ميل للسردية والمباشرة. كما يتميز بالغنائية وبطاقة عاطفية مذهلة، تختلط فيه الشكوى بالمرارة والتفجع وغياب الآخرين. وتقول عنها الأديبة الراحلة وداد سكاكيني (1913 ـ 1991): “لقد كان قلب الشاعرة فدوى طوقان مثل غرفة معتمة، امتدت يدّ الحب إلى شبابيكها ففتحتها ليدخل إليها الهواء والضياء وطعم الحياة، وإذا كان في هذا الشعر العاطفي صورة حقيقية للشاعرة وجدناها فيها قد انتفضت من غمرة الهوى المكتوم إلى مسارب ذاتها، فهدهدت ثورتها وسكبت حبها في صوفية عميقة وإنسانية مثالية، وخرجت من فرديتها إلى أفق طليق الرحاب...”. مؤلفات وافرة عبر رحلة امتدت خمسين سنة، أصدرت الراحلة الشاعرة فدوى طوقان ثمانية دواوين شعرية هي: وحدي مع الأيام 1952، وجدتها، وأعطنا حباً، وأمام الباب المغلق، والليل والفرسان، وعلى قمة الدنيا وحيدًا، وتموز والشيء الآخر واللحن الأخير 2000م، عدا كتابيّ سيرتها الذاتية رحلة صعبة، رحلة جبلية والرحلة الأصعب، وأخي إبراهيم سيرة ودراسة، وحدي مع الأيام شعر. كما نالت عدة جوائز دولية وعربية ومحلية ـ فلسطينية ـ وعلى تكريم العديد من المحافل الثقافية في بلدان وأقطار متعددة، منها: جائزة الزيتونة الفضية الثقافية لحوض البحر الأبيض المتوسط باليرمو إيطالية، وجائزة سلطان العويس، الإمارات العربية المتحدة، 1989م، وجائزة المهرجان العالمي للكتابات المعاصرة، إيطالية 1992م، وحصلت على جائزة الاستحقاق الثقافي، بتونس 1996م، ووسام أفضل شاعرة للعالم العربي، الخليل، عماد شاهين. قصائد متفرقة وللشاعرة فدوى بصمة على خريطة الشعر الفلسطينيّ المقاوم للاحتلال الصهيوني. إذ تعتمد أشعارها على الوصف الخارجيّ، ونقل الحوادث بشكل منتظم. ونجدها تلجأ إلى تصوير الجوِّ والشخصيات إلى طريقة ساذجة تحدّد مُسبقاً كلّ الصفات التي تريد أن تضيفها على الموضوع. أي أنّها تحاول تثبيت الصورة، ومن ثمّ تجميدها وعزلها عن الحياة بقول محيي الدين صبحي في “دراسات تحليلية في الشعر العربي الحديث”. ونقرأ في ديوان فدوى طوقان من قصائد الشاعرة قصيدتها المعنونة بـ: “إليهم وراء القضبان” من ديوانها المنشور، التي تقول فيها: “وشرَّعتْ جهنمٌ أبوابها وابتلعت براعم الصبيّ الطريَّ في أقبائِها ولم تزل هناك الغنوة على شفاه الفتية الفرسان حمراء مزهوّه تخترقُ الظلام والجدران: “يا أخوتي” “بدمي أخطُ وصيتي” “أن تحفظوا لي ثورتي”. ثم ترسم فدوى من قصيدة من مفكرة “رندة” صورة التحقيق البشع الذي يمارسه الصهاينة بحقّ المعتقلين ليلاً في سجون الاحتلال، إذ تقول: “.. في منتصف هذا الليل.. آه! حذاؤه يدقُّ في الدهليز.. آه! مبتدعُ التعذيب آتٍ وتدنيني خُطاهُ من غرفة التحقيق.. آه! آتٍ وتدنيني خطاه من زمن الكابوس والجحيم والصراع حذاؤهُ يدقُّ في الدهليز دمي يدقُّ وعروقي والنخاع توّحشي ما شئت يا شراسة الأوجاع فلن ينزُّ من دمي جواب”. وكان شعرها ترجماناً صادقاً لحياتها في كل مراحلها، وصدى لأشواقها الحائرة، وأحاسيسها المبهمة، وبوحها الشفاف، وحنينها الظامئ، وأحلامها العطشى التائهة في السديم، وروحها الهائمة في المجهول، كما في قصائدها “من وراء الجدران، وضباب التأمل، وأشواق حائرة” التي تقول فيها: نفسي موزعة معذبة بحنينها بغموض لهفتها شوق إلى المجهول يدفعها مقتحماً جدران عزلتها شوق إلى ما لست أفهمه يدعو بها في صمت وحدتها أهي الطبيعة صاح هاتفها أهي الحياة تهيب بأبنيتها ماذا أحسّ؟ شعور تائهة عن نفسها تشقى بحيرتها صلاة إلى العام الجديد لقد تطور حبّ فدوى طوقان بعد أن خرجت من عزلة جدران الحديد، فلم يعد حباً فردياً ينحصر بالآخر، بل فتح آفاقه الواسعة حتى شمل الناس جميعاً، وغمرت أبعاده الكون، وصار حباً إنسانياً يملاً دنيا البشر جمالاً وخصباً وبهاءً وتقول في قصيدتها: “صلاة إلى العام الجديد”: أعطنا حباً فبالحب كنوز الخير فينا تنفجر وأغانينا ستحضر على الحب وتزهر وستنهل عطاء وثراء وخصوبة أعطنا حباً فنبني العالم المنهار فينا من جديد ونعيد فرحة الخصب لدنيانا الجديبة أعطنا أجنحة نفتح بها أفق الصعود ننطلق من كهفنا المحصور من عزلة جدران الحديد أعطنا نوراً يشق الظلمات المدلهمة وعلى دفق سناه نرفع الخطو إلى ذروة قمة نجتني منها انتصارات الحياة وبعد رحلة حافلة بالعطاء الشعري المتميز في المشهد الفلسطيني المقاوم والعربي بصورة عامة، وفي يوم السبت 12 ديسمبر 2003م ودعت فدوى طوقان الحياة عن عُمر ناهز السادسة والثمانين قضتها في محراب الشعر المتوهج بكلماتها وأشعارها في سبيل حرية فلسطين المحتلة، وكتب على شاهد قبرها قصيدتها المشهورة “أموت عليها وأدفن فيها” في مدينتها الأثيرة جبل النار نابلس: “وتحت ثراها أذوب وأفنَى وأبعث عشباً على أرضها وأبعثُ زهرة إليها تعبث بها كفّ طفل نمته بلادي
تُراباً، وعشباً، وزهرة...”.
| |
|
نزف الجروح مشرفة ليالي الغربة للغات الاجنبية
مزاجي : اوسمة المنتدى :
الجنس : عدد المساهمات : 1260 تاريخ التسجيل : 02/04/2011 العمر : 42
| موضوع: رد: فدوى طوقان انشودة ملتهبة في جبل النار السبت يناير 14, 2012 1:17 am | |
| | |
|
ندى الحياة ياسمينة المنتدى
مزاجي : الجنس : عدد المساهمات : 169 تاريخ التسجيل : 12/07/2011
| موضوع: رد: فدوى طوقان انشودة ملتهبة في جبل النار السبت يناير 14, 2012 3:42 am | |
| نثرت أجمل واروع طرح
لشخصيات نغتز بها في أدبنا وتاريخنا
سلمت يداك أخي | |
|
عرب ابو محمد Admin
مزاجي : الجنس : عدد المساهمات : 2822 تاريخ التسجيل : 30/05/2010
| موضوع: رد: فدوى طوقان انشودة ملتهبة في جبل النار السبت يناير 14, 2012 12:40 pm | |
| شكرًا لمرور كريم ضمخ صفحتي بالعبير فانتشت الحروف والكلمات جذلى فوق السطور لا حرمني الله تواجدكم الجميل ودمتم بكل الود مع عاطر التحايا وأطيب المنى
| |
|